الاستعداد للعاصفة
أظهر التقرير الذي يحمل عنوان "دروس للأسهم الخاصّة من فترة الانكماش الأخيرة"[1] أنّ إحدى الطرق التي تمكّنت من خلالها شركات الأسهم الخاصّة من تخفيف تأثير الانكماش في الأزمة الماليّة في عام 2008 كانت عبر التركيز على خلق القيمة.
يشير مصطلح "خلق القيمة" في هذا السياق إلى البحث عن فرص لزيادة قيمة الشركة ضمن المحفظة الاستثماريّة، عبر تحسين كفاءة عمليات الشركة مثلاً.
بشكل منطقي، إنّ الشركات التي تحسّن عمليّاتها خلال الأوقات الصعبة يكون لديها احتمال أكبر للصمود، كما تكتسب ميزةً تنافسيّةً على المنافسين الأقلّ كفاءة، ما يزيد من قيمتها النسبيّة.
هذه القدرة على الابتكار بسرعة في مواجهة الظروف المُتغيّرة بشكل متسارع هي إحدى المزايا التي تتمتّع بها الأسهم الخاصّة والأسواق الخاصّة بشكل عام كفئة أصول.
في حين أنّ المستثمرين في الأسهم العامة عادةً ما يكون لديهم تأثير ضئيل أو معدوم على إستراتيجيّة الشركة، فإنّ المستثمرين في الأسهم الخاصّة لديهم الفرصة والقدرة على إجراء تغييرات مفيدة لضمان مستقبل طويل الأجل للشركة.
المصدر: هذه البيانات هي حتّى 30 أبريل 2024. يعتمد هامش الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب لشراء الحصص الكاملة في الولايات المتحدة وأمريكا الشمالية على البيانات المتوسطة من Pitchbook. وتستند هوامش الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب لمؤشرَي Russell 2000 وS&P 600 إلى Bloomberg. (المصدر الأصلي: https://www.kkr.com/insights/private-equity-vs-public-market-returns)
ماذا حدث منذ ذلك الحين
في النهاية، استمرّ الركود الناجم عن جائحة كورونا شهرين فقط، وهو الأقصر على الإطلاق.[2] ورغم الكثير من التنبؤات المتشائمة خلال السنوات القليلة الماضية، ما زلنا لم نشهد ركوداً آخر حتّى وقت كتابة هذا المقال في نوفمبر 2024. ومع ذلك، استمرّ العالم في التغيّر.
بالإضافة إلى الرقمنة وانحسار العولمة وإزالة الكربون،[3] كان الاتّجاه الأكثر تأثيراً في عالم الاستثمارات هو العودة السريعة نسبيّاً لأسعار الفائدة المرتفعة. تؤدّي هذه الأسعار المرتفعة إلى تشكيل عبء أكبر على الشركات المثقلة بالديون، بالإضافة إلى زيادة معدّل العائد المطلوب الذي يُتوقّع أن تقدّمه إلى المساهمين.
أثّرت هذه التغيّرات على شركات الأسهم الخاصّة مثلما أثّرت على الجميع. وكما كان الحال خلال الأزمة الماليّة العالميّة، أصبح إجراء عمليات الاستحواذ أكثر تكلفة لصناديق الأسهم الخاصّة، وإستراتيجيّات "الشراء والاحتفاظ" الساكنة ليست خيار.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لخلق القيمة
كان ردّ شركات الأسهم الخاصّة هو تعزيز تركيزها على خلق القيمة.
وبدلاً من أن يكون وسيلةً للتخفيف من حدّة الأزمات، أصبحت الشركات التي تمتلك الخبرة الكافية لفعل ذلك تدمج خلق القيمة في عمليّة تقييم الصفقات نفسها، من خلال دراسة فرص التحسين في شركة مستهدفة بعناية فائقة على سبيل المثال، ووضع خطط لتنفيذ هذه الإستراتيجيّات بعد الاستحواذ.[4]
في تقرير متابعة لهذا العام، كشفت McKinsey & Company عن نتائج تحليلٍ لشركات الأسهم الخاصّة التي اتّبعت هذا النهج، مؤكّدة فعاليّة هذه الإستراتيجيّة ونتائج التقرير الأصلي الصادر في عام 2020.[5]
بالإضافة إلى ذلك، يتّسع نطاق خلق القيمة ليشمل ما هو أبعد من الكفاءة، حيث أصبح نموّ الإيرادات وإدارة المواهب عنصرَين أساسيَّين من هذا النطاق بشكل متزايد. وأظهرت دراسة أجرتها KPMG أنّ الشركات التي جمعت بين تدابير توفير التكاليف وزيادة الإيرادات شهدت نموّاً أعلى في الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب (بنسبة 15%) مقارنة بتلك التي لا تركّز إلّا على توفير التكاليف (بنسبة 5%).[6]
الخلاصة
استناداً إلى خبرتنا في سوق الاستثمارات الخاصة التي تمتدّ لعشرين عاماً، نعلم أنّ هناك بعض القوى التي لا يمكن لفريق الصفقات التحكم بها، كالتضخم والأنظمة والنموّ الاقتصادي. ومع ذلك، إنّ القدرة على إضافة القيمة من خلال التركيز والخبرة وشبكة من المعرفة دائماً ما تكون ممكنةً وفعَالة.
ونضيف أنّ خلق القيمة لا يقتصر على "الأوقات الصعبة" فحسب، بل له أهميّة مماثلة خلال فترات الازدهار في الأسواق، عندما تكون القدرة على التمييز بين الأصول المُقوّمة بأعلى من قيمتها وتلك المُقوّمة بأقلّ من قيمتها أساساً للصمود في فترة الانكماش القادمة متى ما حصل ذلك.
[2] المكتب الوطني للبحوث الاقتصاديّة