تعكس عدم سيولة الأسواق الخاصّة طبيعة الأصول الأساسيّة. غالباً ما تنطوي الاستثمارات في الأسهم الخاصّة ورؤوس الأموال المخاطرة والعقارات وغيرها من الأصول البديلة على إلتزامات على المدى الطويل. يوكل الشركاء المحدودون (Limited Partners (LPs)) الشركاء العامّين (General Partners (GPs)) بمهمّة إدارة هذه الأصول وتنفيذ إستراتيجيّة لخلق القيمة، سواء من خلال نموّ الإيرادات أو توسّع حصّة السوق أو عمليّات الدمج والاستحواذ. على عكس أصول الأسواق العامّة كالأسهم أو السندات، غالباً ما تُجمّد هذه الاستثمارات رأس المال لسنوات كثيرة، ما يعيق قدرة المستثمر على بيع الاستثمارات أو إعادة موازنة المحفظة الاستثماريّة عند الحاجة.
تُمثّل الاستثمارات المباشرة في الأسواق الخاصّة "الأسواق الأوّليّة"، حيث يُخصَّص رأس المال مباشرةً في الشركات أو الأصول. بالمقابل، تسمح الأسواق الثانويّة للمستثمرين بشراء الاستثمارات الحاليّة في الأسواق الخاصة أو بيعها، ما يوفّر السيولة اللّازمة للأسهم الخاصّة وفئات الأصول البديلة. كما يمكن لكلّ من الشركاء العامّين والشركاء المحدودين الشروع في إجراء صفقات في الأسواق الثانويّة لحلّ مشكلة عدم السيولة.
غالباً ما تشمل الصفقات التي يقودها الشركاء العامّون مديري صناديق يبيعون أصولاً من صندوق قائم إلى صندوقٍ جديد. وتسمح "وسائل الاستمرار" هذه للشركاء العامّين بمواصلة إدارة الأصول نفسها في حين توفير السيولة للمستثمرين.[1] قد تنتج هذه الصفقات عن الحاجة إلى السيولة أو إعادة هيكلة المحفظة الاستثماريّة أو تحسين الصندوق، ويمكن للمستثمرين التخارج من استثماراتهم ليدخل مستثمرون جدد، ما يضمن استمراريّة إستراتيجيّة الاستثمار.
رغم تحديات الاقتصاد الكلّي، أظهر السوق الثانوي الذي يقوده الشركاء العامّين مرونةً في 2022 حيث شكّل نسبة 42% تقريباً من إجمالي حجم صفقات الأسواق الثانوية في النصف الأوّل من العام وبلغ حجم السوق حوالي 24 مليار دولار.
على عكس البيع إلى مدير آخر للأسهم الخاصة، فإنّ صفقات السوق الثانوي التي يقودها الشركاء العامّون تسمح للمديرين نفسهم بمواصلة إستراتيجيّتهم الاستثماريّة من دون إعادة التفاوض حول الرفع المالي القائم على الاستثمارات أو تعطيل فرق إدارة شركات المحافظ. يمتلك الشركاء المحدودون خيار سحب النقود أو الانضمام إلى آليّة الاستمرار الجديدة للحفاظ على انكشافهم على الاستثمارات، غالباً بشروط أكثر ملاءمة للشركاء المحدودين.
عندما تكون عمليّات الطرح العامّ الأوّلي (IPOs) على مستويات ضعيفة نسبيّاً وتتباطأ أنشطة الدمج والاستحواذ بشكلٍ كبير، تسمح صفقات السوق الثانوي التي يقودها الشركاء العامّون، لمديري الصناديق بتوفير عوائد للمستثمرين الحاليّين بأسعار مواتية.
بالمقابل، الصفقات التي يقودها الشركاء المحدودون هي مبيعات لمرّة واحدة حيث يسعى الشركاء المحدودون إلى بيع حصصهم في الصناديق الخاصّة. يتولّى المشترون في صفقات السوق الثانوي التي يقودها الشركاء المحدودون، ما قد يشمل المستثمرين المؤسّسيّين أو الصناديق الثانويّة، حقوق الشركاء المحدودين وإلتزاماتهم. كما قد تنطوي الصفقات التي يقودها الشركاء المحدودون على حصص الشركاء المحدودين الفرديّة أو محافظ موزّعة على صناديق كثيرة، ما يسمح للبائعين بإعادة موازنة انكشافهم أو تلبية الاحتياجات الفوريّة للسيولة.
يأخذ المستثمرون بعين الاعتبار الكثير من العوامل عند الاختيار بين صفقات السوق الثانوي التي يقودها الشركاء العامّون وتلك التي يقودها الشركاء المحدودون، منها التنويع والعوائد المُحتملة وحاجاتهم الفوريّة إلى السيولة.
الرسم البياني الأوّل: نموّ السوق الثانوي
المصدر: Pitchbook
منافع صفقات الأسواق الثانويّة
توفّر صفقات السوق الثانوي التي يقودها الشركاء العامّون والشركاء المحدودون السيولة اللّازمة للمستثمرين الذين يرغبون بالتخارج من استثمارات الأسواق الخاصّة. توفّر هذه الصفقات للمستثمرين المزيد من المرونة عبر تقديم تسعير شفاف للأصول الخاصّة، ما يُسهّل فهم القيمة السوقيّة الحقيقيّة. كما تسمح صفقات الأسواق الثانويّة للمستثمرين بتنويع محافظهم الاستثماريّة وتقليل المخاطر وإعادة تخصيص رأس المال في فرص واعدة أكثر. ويمكن للبائعين تقليل انكشافهم على الأصول ضعيفة الأداء، بينما يمكن للمشترين الوصول إلى الاستثمارات الخاصّة ذات فترات احتفاظ أقصر، ما ينعكس في السعر.
كلّما كانت فترة الاحتفاظ أقصر كان السعر أغلى، ولكن توفّر هذه المدّة الأقصر مرونةً أكبر.
كما تساعد صفقات الأسواق الثانويّة على تخفيف "مخاطر الاستثمار في تجمّعات غير محدّدة النشاط"، ما يُعدّ شائعاً في الصناديق الأساسيّة حيث يلتزم الشركاء المحدودون برأس مال لمحفظة استثماريّة لم تُبنى بعد. من خلال الاستثمار في صفقات الأسواق الثانويّة، يمكن للمستثمرين تقييم أداء الصندوق ومخاطره بشكل أفضل، ما يُحسّن قدرتهم على اتّخاذ قرارات استثماريّة مُستنيرة.
مزايا إضافيّة للمشترين
تتيح الاستثمارات في الأسواق الثانويّة مزايا أخرى كثيرة للمشترين.
رسوم أقلّ: تفرض الصناديق الثانويّة عادةً رسوماً أقلّ من الصناديق الأوّليّة، إذ يعمل الشركاء العامون كمديرين للمحفظة الاستثماريّة ويُشرفون على الأصول الموجودة، بدلاً من الإدارة الفعالة وخلق القيمة ضمن الشركات الفرديّة.
السيولة المبكرة: غالباً ما تستثمر الصناديق الثانويّة في محافظ استثماريّة أُنشئت في سنوات مختلفة، ما يوازن بين الإلتزامات والتوزيعات، ويؤدّي إلى السيولة المبكرة ومنحنى عوائد (J-curve) أقلّ حدة بكثير مقارنةً بالاستثمارات الرئيسيّة.
في الختام، تبدأ الأسواق الثانويّة ضمن مجال الأسهم الخاصة والأصول البديلة حقبة جديدة من السيولة والمرونة. تسمح هذه الأسواق للمستثمرين بالتعامل مع الاستثمارات غير السائلة تقليديّاً بسهولة أكبر. ومع استمرار تطوّر السوق الثانوي، ترسخ قدرته على مواجهة مشكلة عدم السيولة مكانته كعنصر أساسي في إستراتيجيّات الاستثمار الحديثة.
النقاط الرئيسيّة
نما السوق الثانوي بسرعة منذ الأزمة الماليّة العالميّة، متيحاً السيولة والمرونة التي تحتاجها الأسواق الخاصة بشدة.
يستفيد المستثمرون من التنويع وخفض التكاليف وتقليل المخاطر عند المشاركة في السوق الثانوي.
تتيح هذه الأسواق للمستثمرين فرصاً جديدةً لتحقيق أهدافهم الماليّة، وتُحدث تحوّلاً في بيئة الأسهم الخاصّة والاستثمارات البديلة.
هل وجدتم هذا المقال مفيداً؟ تعرّفوا على المزيد حول مزايا الأسواق الثانوية وفوائدها للمستثمرين ولا تفوّتوا مقالنا عن السوق الثانوي من The Family Office.