أفكار
مقالات

التعامل مع التقلبات: كيف تعزّز الأسواق الخاصّة خطة تقاعدكم

التعامل مع التقلبات: كيف تعزّز الأسواق الخاصّة خطة تقاعدكم

دخل التخطيط للتقاعد حقبة جديدة. فلطالما شكّل المزيج المتوازن من الأسهم والسندات أساس الاستراتيجيات الاستثمارية طويلة الأجل، إذ اعتُمد عليه لتنمية الثروة والحفاظ عليها عبر مختلف الدورات الاقتصادية. لكنّ المشهد تغيّر، فالتقلبات أصبحت أكثر حدّة والتنبؤ بأسعار الفائدة أكثر صعوبة، فيما لم تعد المحافظ التقليدية قادرة على توفير مستوى الاستقرار والدخل المطلوبَين خلال التقاعد.

يتطلّب بناء خطة تقاعد متينة اليوم ما هو أبعد من التخصيص التقليدي للأصول. فهو يستدعي تنويعاً أوسع ودخلاً موثوقاً وأصولاً تتفاعل بشكلٍ مختلف مع تغيّرات السوق. وهنا يبرز دور الأسواق الخاصّة. فبعد أن كانت متاحة للمؤسسات فقط، أصبحت فئات الأصول كالائتمان الخاص والعقارات والأسهم الخاصّة والبُنى التحتية تلعب دوراً أكبر في المحافظ طويلة الأجل، وتقدّم طرقاً جديدة لإدارة المخاطر واغتنام فرص النمو.

Jul 31, 2025التعليم- 5 min
hero

لماذا لم تعد المحفظة التقليدية 60/40 كافية؟

لطالما اعتُبرت محفظة 60/40، أي 60% في الأسهم لتحقيق النمو و40% في السندات لتوفير الدخل والاستقرار، خياراً شائعاً في استراتيجيّات التقاعد. وقد استمدّت هذه الاستراتيجية قوتها من فرضيّة مفادها أنّ انخفاض إحدى فئات الأصول يُقابَل عادةً بثبات الفئة الأخرى أو ارتفاعها، ما يخلق توازناً يساعد على استقرار الأداء العام للمحفظة.

غير أنّ هذا التوازن بين الأسهم والسندات قد تلاشى. ففي السنوات الأخيرة، بدأت الأسهم والسندات تتحرّك في الاتجاه نفسه خلال فترات التضخّم والتشدّد النقدي، ما أدّى إلى تعرّض المحافظ لخسائر على الجبهتين. وقد لجأت البنوك المركزية، بما فيها الاحتياطي الفدرالي الأميركي، إلى رفع أسعار الفائدة بشكل حادّ في مواجهة التضخّم المستمر، ما شكّل ضغوطاً على تقييمات الأسهم وأسعار السندات معاً. وفي الوقت نفسه، عجزت عوائد السندات عن مجاراة التضخّم، ما قلّص من دورها كمصدر دخل حقيقي للمتقاعدين.

كما أشرنا في مقالنا السابق بعنوان "إعادة النظر في إستراتيجيّة 60/40: إستراتيجيّات لمواكبة الأسواق المُتغيّرة"، تُشكّل التحوّلات الهيكلية في الاقتصاد العالمي تحدياً فعلياً لفعالية التنويع التقليدي. ونتيجة لذلك، يتّجه عدد متزايد من المستثمرين نحو الأسواق الخاصّة بحثاً عن مصادر جديدة للاستقرار والدخل والنمو طويل الأجل.

 

الأسواق الخاصّة: فئات أصول استراتيجيّة في محافظ التقاعد

تعيد الأسواق الخاصّة رسم ملامح التخطيط للتقاعد، إذ توفّر فئات الأصول كالائتمان الخاص والعقارات والأسهم الخاصّة والبُنية التحتية مصادر دخل أكثر ثباتاً ونمواً أكثر استقراراً وتنويعاً تفتقر إليه المحافظ التقليدية بشكلٍ متزايد. وباتت هذه الاستثمارات اليوم عنصراً أساسياً في بناء محافظ متينة ترتكز إلى رؤية طويلة الأمد.

الائتمان الخاص يُشكّل بديلاً قوياً للسندات العامة، خصوصاً في فترات التضخّم أو ارتفاع أسعار الفائدة. ويعتمد هذا النوع من الاستثمارات على إقراض الشركات مباشرة، غالباً بعوائد أعلى من أدوات الدخل الثابت التقليدية. وتشير بيانات Cambridge Associates إلى أنّ الائتمان الخاص قد حقق تاريخياً عوائد سنوية صافية تراوحت بين 8% و10%،[1] فيما يتوقّع Deutsche Bank أن يبلغ متوسط هذه العوائد أكثر من 8,5% خلال العقد المقبل.[2]

العقارات الخاصّة تُضيف مصدر دخل مستقر ونمو من خلال التدفقات النقدية للإيجارات والارتفاع طويل الأجل في القيمة. وعلى عكس الاستثمارات العقارية المدرجة في البورصة، فإنّ العقارات الخاصّة أقل تأثراً بتقلّبات السوق اليومية، وغالباً ما تُظهر أداءً أفضل في فترات التضخّم. ووفقاً لشركة Brookfield Oaktree، فإنّ العقارات الخاصّة عالية الجودة تحقق عادةً عوائد سنوية تتراوح بين 6% و8%،[3] فيما أظهر مؤشر NCREIF ODCE أنّ العوائد السنوية خلال العقد الماضي بلغت نحو 5,2%.[4]

الأسهم الخاصّة تُساهم في التخطيط للتقاعد من خلال تنمية رأس المال على المدى الطويل. إذ تدعم هذه الاستثمارات الشركات في مراحل النمو أو التحوّل أو إعادة الهيكلة الاستراتيجية، ما يسمح بالوصول إلى فرص غير متاحة في العادة إلى المستثمرين في الأسواق العامة. ووفقًا لتقرير Bain & Company العالمي لعام 2024 حول الأسهم الخاصّة، فقد تفوّقت صناديق الاستحواذ الأمريكية على الأسواق العامة بمعدّل 4 إلى 6 نقاط مئوية سنوياً في المتوسط بعد احتساب الرسوم، ما يبرز تفوّقها على المدى الطويل.[5]

استثمارات البُنية التحتية تُضيف عنصراً من الاستقرار إلى محافظ التقاعد، إذ تشمل أصولاً حيوية كالمواصلات والطاقة والشبكات الرقمية. وتُدرّ هذه الأصول عادةً تدفقات نقدية موثوقة ومرتبطة بالتضخّم ضمن عقود طويلة الأجل. وتشير Cohen & Steers إلى أنّ أصول البُنية التحتية الأساسية في الأسواق الخاصّة توفّر دخلاً مستقراً مع تقلبات أقل مقارنةً بالأسهم، ما يجعلها خياراً جاذباً للمستثمرين الذين يبحثون عن دخلٍ مستدام في مرحلة التقاعد.[6]

يُمكن لفئات الأصول ضمن الأسواق الخاصّة، مجتمعةً، أن تُضفي على محافظ التقاعد مزيداً من المرونة والدخل والتنويع، ما يزوّد المستثمرين بالأدوات اللازمة للتعامل مع تغيّرات السوق بثقةٍ أكبر.

 

لماذا تبرز أهمية الأسواق الخاصّة في الوقت الراهن؟

تتميّز الأسواق الخاصّة اليوم ليس فقط بقدرتها على تحقيق الدخل والنمو، بل أيضاً بسلوكها المختلف مقارنةً بالأسواق العامة. فبدلاً من التأثّر بالأخبار اليومية أو تغيّرات المزاج العام في الأسواق، تستند هذه الاستثمارات إلى أساسيات طويلة الأجل، وهو ما يُشكّل ميزة كبيرة في ظل هيمنة التقلبات قصيرة الأجل على العناوين.

تبرز أهمية هذا الأمر عند اضطراب الأسواق العامة، حيث تتقلّب الأسعار استجابةً للعناوين الإخبارية أو توقّعات تغيّر أسعار الفائدة. في المقابل، يتمّ تحديث تقييمات الاستثمارات في الأسواق الخاصّة بوتيرة أقل، غالباً على أساس ربعي، وترتكز هذه التقييمات على الأداء الفعلي للأعمال وليس على المضاربات اليومية. هذا الأفق الزمني يُساعد المستثمرين على التركيز على النتائج الفعلية لا على الضجيج المؤقّت.

وقد أشار الرئيس التنفيذي لشركة BlackRock، لاري فينك، إلى هذا التحوّل في رسالته السنوية لعام 2025،[7] موضحاً أنّ المحفظة التقليدية 60/40 لم تعد تعكس متطلّبات البيئة الاستثمارية الحالية. واقترح نهجاً أكثر حداثة يقوم على تخصيص 20% من المحفظة لأصول الأسواق الخاصّة كالائتمان الخاص والعقارات والبُنية التحتية، بهدف تحقيق عوائد أقل ارتباطاً بتقلّبات الأسواق العامة. وتجدر الإشارة إلى أنّ العديد من المؤسسات الكبرى قد بدأت بالفعل في اعتماد هذا التوجّه، وأعادت تشكيل محافظها لتشمل حصة أكبر من الاستثمارات في الأسواق الخاصّة، بحثاً عن مزيد من المرونة والقيمة المستدامة على المدى الطويل.

 

أهميّة الاستثمار المبكر

بطبيعتها، تُعدّ الاستثمارات في الأسواق الخاصّة طويلة الأجل، إذ قد تستغرق سنوات عدّة قبل أن تنضج بالكامل أو تتيح استرداد رأس المال. غير أنّ هذه المدة الزمنية تُشكّل أيضاً إحدى نقاط القوّة. فالمستثمرون الذين يلتزمون برأسمالهم لفترات طويلة غالباً ما يستفيدون ممّا يُعرف بـ"علاوة انعدام السيولة"، وهي ميزة تُعزّز العوائد طويلة الأجل.

وكلّما بدأ المستثمر في زيادة تعرّضه للأسواق الخاصّة في وقتٍ أبكر، ازدادت إمكانات الاستفادة من أثر المراكمة وتوزيعات الأرباح وخلق القيمة على المدى الطويل.

 

مستثمرو الخليج: فرص تتجاوز الأسواق المحليّة

يواجه المستثمرون في منطقة الخليج تحدّيات فريدة. إذ تميل المحافظ إلى التركّز في الأسهم المحليّة والعقارات أو الأصول المرتبطة بالدولار الأمريكي. ورغم أنّ هذه الخيارات توفّر درجة من السيولة والوضوح، إلّا أنّها تُعرّض المستثمرين لمخاطر التركيز الجغرافي ومحدوديّة التنويع.

وتُوفّر الأسواق الخاصّة مساراً فعّالاً نحو التنويع العالمي. فمن خلال الأسهم الخاصّة والعقارات والبُنية التحتية والائتمان الخاص، يستطيع المستثمرون في الخليج الوصول إلى فرص دولية في أسواق متقدّمة وناشئة. وغالباً ما تنطوي هذه الاستثمارات على قطاعات وعملات ومعدّلات مخاطرة مختلفة، ما يُعزّز ميزة المرونة المالية على المدى الطويل.

 

الخلاصة

في عالم لم تعد فيه الاستراتيجيات الاستثمارية التقليدية كافية، توفّر الأسواق الخاصّة ميزة حاسمة في تخطيط التقاعد. فهي تقدّم فرص عوائد أعلى ودخلاً أكثر استقراراً وتنويعاً يُساهم في حماية المحافظ من تقلّبات الأسواق والتحوّلات الاقتصادية الكُبرى.

في The Family Office، نضع بين أيديكم خبرة تتجاوز 20 عاماً في مساعدة المستثمرين على التعامل في الأسواق العالمية عبر مختلف الدورات الاقتصادية. ويعمل فريقنا على إتاحة فرص استثمارية بجودة مؤسسية في الأسواق الخاصّة، وتصميم محافظ مخصّصة تتماشى مع أهدافكم وقدرتكم على تحمل المخاطر وأفقكم الزمني.

للبدء بتخطيط تقاعدكم، يمكنكم اليوم استخدام حاسبة التقاعد لتقدير دخلكم التقاعدي المحتمل ومعرفة مدى اقترابكم من تحقيق أهدافكم.


[1] Cambridge Associates

[2] Deutsche Bank

[3] Brookfield Oaktree

[4] Cohen & Steers

[5] Bain & Company

[6] Cohen & Steers

[7] BlackRock

تبحثون عن فرص في الأسواق الخاصّة؟

انضموا إلى منصتنا الرقمية للاستثمار
لفرصٍ حصريّة في الأسواق الخاصّة

أنشئوا حساباً

لمحة عن شركة The Family Office

لا تزال The Family Office منذ 2004 مدير الثروات المفضل لأكثر من 800 فرد وعائلة عبر مساعدتهم في الحفاظ على ثرواتهم وتنميتها بحلول مخصّصة في الاستثمارات البديلة المنوّعة وأكثر. حدّدوا موعداً لمكالمة مع خبرائنا الماليّين واكتشفوا المزيد عن عمليّة إدارتنا للثروات.


استمرّوا في القراءة