إعادة النظر في علاوة انعدام السيولة
غالباً ما تُنسب فجوة الأداء بين الأسواق العامّة والخاصّة إلى علاوة انعدام السيولة، حيث يقبل المستثمرون بالمرونة المنخفضة مقابل عوائد مُتوقّعة أعلى. وبالفعل، غالباً ما تتطلّب الأصول الخاصّة تجميد لعدّة سنوات ويكون التخارج منها مُعقّد، ولكن هذا التفسير غير كامل.
لا يُخصّص معظم المستثمرين سوى جزء من محافظهم الاستثماريّة للأسواق الخاصّة، ما يخفّف بالتالي التأثير الحقيقي لانعدام السيولة. بالإضافة إلى ذلك، تعزّز الابتكارات كالأسواق الثانويّة خيارات السيولة. وإذا كانت علاوة انعدام السيولة العامل الوحيد الذي يدفع العوائد، فلكان من المنطقي أن تؤدّي زيادة الطلب وتحسين آليّات التخارج إلى تقليل هذه العلاوة. مع ذلك، استمرّ التفوّق في الأداء، ما يشير إلى وجود عامل آخر.
علاوة التعقيد: تحقيق القيمة من خلال المهارات
يكمن المحرّك الأعمق لعوائد الأسواق الخاصّة في ما وصفته شركة Schroders بـ"علاوة التعقيد"[2]، أي العوائد المُحقّقة ليس بفضل تحمّل المزيد من المخاطر بل بفضل مواجهة التعقيد بنجاح من خلال المهارات وتحسين العمليّات.
يعكس هذا المفهوم عمليّة تحقيق القيمة في الأسهم الخاصّة: الاستثمار في أصل ضعيف الأداء أو غير مُستغلّ بالكامل وتحسين أساسيّاته من خلال الإدارة النشطة. لنأخذ مثال عقار قديم في موقع مُتميّز: قد يعتمد مالك غير نشط على ارتفاع قيمة الأصل في السوق، أمّا المستثمر الماهر فقد يجدّده أو يعيد تقسيمه أو يعيد هيكلة استخدامه، ما يؤدّي إلى تحقيق عوائد أعلى عبر التحوّل النشط.
في الأسواق الخاصّة، يُطبّق هذا المبدأ ليس على العقارات فحسب ولكن على جميع فئات الأصول. يعود التفاوت في الأداء إلى فِرق مُتخصّصة تُضيف القيمة خلال فترة الاحتفاظ بالأصل من خلال تدخّلات إستراتيجيّة وتشغيليّة وماليّة.
في المقابل، غالباً ما يكون لدى المستثمرون في الأسواق العامّة، خصوصاً الذين لا يملكون حصّة مُسيطرة، قدرة محدودة للتأثير على قرارات الإدارة. تُضعف هياكل التصويت والقيود المُرتبطة بحوكمة الشركات من قوّة المستثمرين، ما يجعلهم مشاركين غير نشطين. يحدّ هذا النقص في التأثير من فرص خلق القيمة ويبرز الميزة الإستراتيجيّة للاستثمار في الأسواق الخاصّة.
المراحل الأربع لتحقيق القيمة
لا يقتصر الاستثمار في الأسواق الخاصّة على خطوة واحدة فحسب بل هو سلسلة من المراحل عالية المهارة، تساهم كلّ منها في تحقيق علاوة التعقيد:
1. البحث: يتطلّب الوصول إلى صفقات عالية الجودة علاقات قويّة والانكشاف على فرص غير متاحة على نطاق واسع للجمهور.
2. التقييم: ليست جميع الصفقات متساوية، ويتطلّب تمييز الجودة عناية واجبة مكثّفة وخبرة في القطاع والقدرة على تحديد المخاطر الخفيّة أو الفرص الكامنة للنموّ.
3. التنفيذ والإدارة: تُخلق القيمة من خلال الإشراف النشط، بما في ذلك تعديلات إستراتيجيّة أو إعادة هيكلة رأس المال أو تحسينات تشغيليّة.
4. إستراتيجيّة التخارج: تحقيق القيمة لا يقلّ أهميّة عن خلقها، ويتطلّب ذلك عرض الأصل بشكل جذاب للمشتري المناسب وفي الوقت المناسب.
بما أنّ هذه المهارات ليست متاحة لدى الجميع، فمن الطبيعي أن يحصل المستثمرون القادرون على تنفيذها على علاوة.
دور الشفافيّة والتوافق
على عكس الافتراضات الشائعة، الأسواق الخاصّة ليست غامضة بطبيعتها. وفي حين أنّ الشركات العامّة مُلزمة بالإفصاح عن الأرباح والتقارير، غالباً ما يحصل المستثمرون الخاصّون على وصول أعمق إلى البيانات الماليّة والإدارة والإستراتيجيّة أثناء مرحلة بذل العناية الواجبة والمتابعة المُستمرّة. يتيح هذا القرب إمكانيّة اتّخاذ قرارات مستنيرة أكثر، خصوصاً عند الاستثمار مع شركاء تتماشى أهدافهم مع أهداف المستثمر.
مع ذلك، فإنّ الشفافيّة وحدها لا تضمن العوائد، وما يُحدث الفارق الحقيقي هو كيفيّة استخدام المعلومات من خلال الحكم السليم والبصيرة والتنفيذ.
الخلاصة
لا يكمن الأداء القويّ للأسواق الخاصّة في تجميد رأس المال لبضعة أعوام فحسب، بل يعكس أيضاً قدرة الفِرق الماهرة على تحقيق القيمة من خلال عمليّة متعدّدة المراحل تشمل تحديد الاستثمارات وتحسينها والتخارج منها.
في The Family Office، نتمتّع بخبرة تمتدّ لأكثر من عقدين في التعامل مع تعقيدات الأسواق الخاصّة. ومع إدارتنا أصول بقيمة تتجاوز 2,1 مليار دولار وبفضل شبكتنا العالميّة من الشركاء، يتخصّص فريقنا في الاستثمارات المُشتركة ضمن مجالَي الأسهم الخاصّة والائتمان الخاصّ. نتيح لعملائنا الوصول إلى فرص مُحدّدة حيث لا تُشكّل التعقيدات عائقاً بل بوابة لتحقيق القيمة.