يناقش هذا المقال كلّ من الوضع الراهن والقوى الدافعة وتوقعات الأسواق.
أسعار النفط وردّ الفعل
بعد بداية الغزو في 24 فبراير، تعدت أسعار خام برنت لفترةٍ وجيزة مستوياتها القياسيّة في 2014 ووصلت إلى 129,10 دولار للبرميل في 7 مارس.[1]
ينسب البعض ذلك إلى صدمة مؤقتة علما أنّ العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفائها على روسيا تفادت قطاع الطاقة مباشرةً.
أفرجت الوكالة الدوليّة للطاقة (IEA) عن 60 مليون برميل من النفط من مخزونها الاستراتيجي للتعويض عن القيود الفوريّة على الإمدادات. غير أنّ هذا الرقم يوازي يوماً واحداً فقط من الاستهلاك العالمي،[2] ولن يواجه الضغط المستمرّ على العرض.
السياق الأوسع
بغض النظر عن العقوبات، قلّصت المؤسّسات الماليّة التي تمول التجارة لأسواق السلع في أوروبا، كالبنكين الهولنديّين ING Groep NV وRabobank، الإقراض لصفقات تتعلق بروسيا وأوكرانيا (بما في ذلك النفط الخام والقمح) لازدياد صعوبة تسديد المعاملات مع الأطراف المقابلة الروسيّة.[3]
هذا الانهيار في النشاط التمويلي لتجارة السلع في أوروبا الشرقية يؤدي لزيادة الطلب على مختلف أنواع النفط الخام من أماكن أخرى في العالم منها موردي الشرق الأوسط. لم تكتف منظمة الدول المصدرة للنفط وروسيا (OPEC+) برفض زيادة الإنتاج فحسب، فهي لم تحقق زيادتها المعلنة للإنتاج عقب تعافي الطلب العالمي بعد جائحة كورونا.
يُضاف ما سبق إلى صعوبات سلاسل الإمداد بعد أن اتّخذت Maersk وشركات أخرى مثل BP وShell خطوات مستقلة للحدّ من التعاملات مع روسيا أو وقفها مؤقتاً.
ردة فعل السوق
تُشكّل القيود على الإمدادات مصدر قلق حقيقي في الأسواق الثانويّة، على الأقلّ في للمستقبل القريب.
يُبيّن الرسم البياني أدناه العلاوة التي سيدفعها المشترون للحصول على برميل خام West Texas Intermediate (WTI) فوراً مقارنة بشهرٍ من الآن (العقود "العاجلة"). ويشير ارتفاع هذه العلاوة إلى 3,50 دولار إلى حدة القيود المتوقعة على الإمدادات في المدى القصير.
المصدر: Nymex
تُبيّن العقود الفوريّة والآجلة لبرنت وWTI قصّة مماثلة. يُظهر الرسم البياني أدناه الاتجاه نحو تزايد هائل في العقود الفوريّة حيث تتراجع أسعار العقود الآجلة تدريجيّاً مع الوقت.
يشير الرسمان إلى عودة تدريجيّة إلى مستويات طبيعيّة لأسعار النفط بتكيّف العرض مع الطلب مع الوقت.
خارج أسواق الطاقة
يشير ارتفاع سعر أصول "الملاذ الآمن" كالذهب أنّ المستثمرين يبحثون عن الحماية من التضخم.
ارتفعت أسعار الذهب 7,7% (146 دولار للأوقية)[4] بحلول 8 مارس إلى 2049,85 دولار.[5] أمّا أصول صناديق الذهب الاستثماريّة المتداولة التي تعكس ملكيّة مجموعة أصول معينة فارتفعت أيضاً في يناير وفبراير فوق 100 مليون أوقية (راجعوا الرسم البياني أدناه).
المصدر: Bloomberg
تعكس توقعات التضخم تعطيل الإمداد في سلع رئيسيّة أخرى مع استمرار الصراع.
تشكّل روسيا وأوكرانيا 25% و20% تباعاً من الإمداد العالمي للقمح والذرة (12% من كافة السعرات الحرارية المورّدة).[6] مع إقفال الموانئ الأوكرانية وانسداد تدفق الصادرات الروسية نتيجة العقوبات، على الشارين إيجاد مصادر بديلة للإمداد. ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار. وحقّق مؤشر Bloomberg Agriculture Spot Index الزراعي، الذي يتابع السلع الرئيسيّة كالقمح والذرة والقهوة، أعلى مستوياته بالغاً 485,05 دولار.
الخاتمة
باختصار، يساور الأسواق قلق بالغ بأنّ الأزمة قد تطيل اضطرابات سلسلة الإمداد.
قد تبقى أسعار السلع مرتفعة لفترة غير محدّدة. وتزامن الارتفاع السريع لأسعار النفط في الماضي مع فترات الركود[7] ويصعب توقّع مدى استمرار الوضع.
في فترات غموض هائل كهذه، على المستثمرين البحث عن القطاعات التي برهنت صلابتها تاريخيّاً في فترات الركود والتي تستفيد من التضخم.
[1] Trading Economics - https://tradingeconomics.com/commodity/brent-crude-oil
[2] Reuters - https://www.reuters.com/business/energy/oil-prices-climb-market-weighs-release-reserves-vs-russia-disruption-2022-03-01/
[3] Bloomberg - https://www.bloomberg.com/news/articles/2022-02-24/ing-curbs-commodity-lending-after-russia-attacks-ukraine
[4] وحدة وزن تُستخدم لقياس المعادن الثمينة.
[5] Business Insider - https://markets.businessinsider.com/commodities/gold-price
[6] Bloomberg - https://www.bloomberg.com/news/articles/2022-03-02/russia-s-war-with-ukraine-could-devastate-global-grain-markets
[7] CNBC - https://www.cnbc.com/2020/01/03/spiking-oil-prices-have-led-to-recessions-in-the-past-and-thats-why-the-stock-market-is-on-edge.html