استجاب البنك المركزي الأمريكي ("الاحتياطي الفدرالي") بسلسلة من الزيادات المكثفة لأسعار الفائدة، ما أنهى حقبة من السياسات النقديّة الميسّرة التي كانت قائمة نوعاً ما منذ تداعيات الأزمة الماليّة في 2008.
في حين أنّ آثار هذه الزيادات السريعة غير مفهومة تماماً حتّى الآن في الاقتصاد ككلّ، إلّا أنّ تأثيرها على الأسهم الخاصة (PE) كان أوضح بكثير. سنستعرض في هذا المقال العلاقة بين أسعار الفائدة ونشاط صفقات الأسهم الخاصة، وما يعنيه ذلك للمستثمرين.
أسعار الفائدة مقابل الأسهم الخاصة
تُشكّل حقبة من أسعار الفائدة المنخفضة أو القريبة من الصفر بيئةً مواتيةً لنوع معيّن من شركات الأسهم الخاصة المعروفة بـ"صناديق شراء الحصص".
في هذا النهج، يقترض الصندوق المال لتمويل عمليّة استحواذٍ ويستخدم التدفقات النقديّة للشركة التي تمّ شراءها لتسديد الدين، ثمّ إمّا يبيع هذه الشركة لمشترٍ خاصّ آخر أو يعيد طرحها في البورصة.
تقلّل أسعار الفائدة المرتفعة من فعاليّة هذه الإستراتيجيّة. في البداية، يؤدّي ارتفاع تكاليف أسعار الفائدة إلى تآكل العوائد الإجماليّة. ويُقلّل ارتفاع أسعار الفائدة من قيمة التخارج من الشركة، إذ سيخصم المشتري المستقبلي تدفقاتها النقديّة المستقبليّة بنسبةٍ أعلى. كما أنّ مجرّد ارتفاع أسعار الفائدة سيقلّل من جاذبيّة فئة الأسهم الخاصة بالنسبة إلى المستثمرين.
كذلك، قد يؤدّي ارتفاع أسعار الفائدة إلى بيئة اقتصاد كلّي تعاني من الكساد عبر الثني عن الإنفاق وتشجيع الادّخار، ما يؤدّي إلى تراجع في نموّ الإيرادات. وإذا ارتفعت العمالة أيضاً (كما هو شائع في البيئات التضخميّة)، قد يضيّق هذا الهوامش، ما لا يؤدّي إلى خفض الأرباح فحسب بل أيضاً إلى احتمال التخلّف عن سداد المدفوعات.
المصدر: Pitchbook
كيف يمكن أن تتكيّف شركات الأسهم الخاصة
الكثير من شركات الأسهم الخاصة الكبرى التي تركّز على شراء الحصص تترقب العودة إلى بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. ولكن ليس ذلك بصيص الأمل الوحيد.
ثمّة الكثير من الطرق التي يمكن لصناديق الأسهم الخاصة أن تنجح من خلالها بجانب تمويل الديون الرخيصة، وتعمل الكثير من هذه النُهج بشكل أفضل في بيئة النموّ المنخفض أو بيئة أسعار الفائدة المرتفعة. في تقرير حديث، أطلق المنتدى الاقتصادي العالمي على هذا التحوّل في الإستراتيجيّة اسم "الأسس بدلاً من المالي".[1]
تبحث صناديق "أسهم النموّ" عن شركات مقوّمة بأقلّ من قيمتها من حيث إمكانات نموّها، وتعني البيئة التي ينخفض نشاط الصفقات فيها منافسةً أقلّ لتلك الشركات.
بدلاً من مجرّد تطبيق الرفع المالي، يمكن للصندوق أن يشرف على التحسينات الإستراتيجيّة والتشغيليّة لتحسين النموّ وتوسيع الهوامش.[2] لا يعتمد اكتشاف خطوط جديدة للأعمال وتوظيف مهارات جديدة والتوسّع إلى أسواق جديدة على السياسة النقديّة الميسّرة، كما قد يؤدّي إلى ارتفاع في قيم التخارج رغم بيئة الاقتصاد الكلّي المليئة بالتحديات.[3] تشديداً على هذه النقطة، تركّز شركات الأسهم الخاصة بشكلٍ متزايد على الكفاءات التشغيليّة كإستراتيجيّة أساسيّة لخلق القيمة، وينطوي ذلك على الغوص عميقاً في الجوانب التشغيليّة لشركات المحفظة والبحث عن طرق لتبسيط العمليّات وتعزيز الإنتاجيّة والسعي وراء فرص النموّ الداخليّ. تُشكّل إستراتيجيّةً كهذه ابتعاداً كبيراً عن الاعتماد على الرفع المالي، ما يؤكّد دور التحسين الجوهري للأعمال في بناء القيمة المستدامة.
كيف يمكن أن يجتاز المستثمرون ذلك
تحديد الشركات التي ستنجح في المستقبل يتطلّب القدرة على تمييز الخبرة الحقيقيّة، وليس هذا سهلاً بأيّ شكلٍ من الأشكال. فيمكن لبعض الشركات المقدّر لها أن تحقّق أداءً ضعيفاً في البيئة الجديدة أن تستند إلى أرقام نموّ سليمة حقّقتها في فترات ازدهار سابقة كدليل على نجاحها في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، تلجأ بعض الصناديق ضعيفة الأداء إلى عددٍ من الحيل لإخفاء ضعف أدائها: الاقتراض لدفع أرباح المستثمرين وتأجيل دفع الفوائد على الديون وبيع صناديقها الخاصة. من هنا، تمييز الكيانات المولّدة للقيمة الحقيقيّة في السوق الحاليّ المليء بالمنافسة يُشكّل تحدياً كبيراً.
الخلاصة
بما أنّ التفوّق الحقيقي في الأداء ممكن دائماً رغم عدم سهولته، نعتقد أنّ القيام بذلك بمفردكم ليس مُستحسناً. يُعتبر الحصول على الدعم من شريك استشاريّ متمرّس يتمتّع بالخبرة في اجتياز بيئة الأسهم الخاصة أفضل ضمان ضدّ الاستثمار في صندوق تجاوز مرحلة الذروة أو عدم الاستثمار في الجيل القادم من النجوم.
احجزوا استشارةً مع أحد أعضاء فريقنا لاكتشاف كيف يمكن للأسهم الخاصة أن تعزّز مرونة محفظتكم في 2024 وما بعده.