اجتماع يونيو: التداعيات
اجتمع الفدرالي آخر مرّة في 11 و12 يونيو، وكما كان مُتوقعاً على نطاقٍ واسع، تقرّر الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتةً بانتظار بيانات أكثر حسماً تفيد بأنّ التضخّم تحت السيطرة. كما نشر الفدرالي توقعاته الاقتصاديّة المُحدّثة التي أظهرت أنّه توقّع خفضاً واحداً فقط لأسعار الفائدة هذا العام (تقليل من احتمال خفضها ثلاث مرّات في الإصدار السابق).[1]
تضمّنت المواد المنشورة نسخةً مُحدّثةً عن "المخطّط النقطي"، وهو رسم بياني يظهر تباين الآراء في اللّجنة، حيث توقّع بعض الأعضاء عدم خفض الأسعار وتوقّع آخرون خفضها بما يصل إلى مرّتين قبل نهاية العام.[2] وعكست التصريحات اللّاحقة لأفراد في اللّجنة هذا الانقسام، حيث أشار بعضهم إلى أنّهم شعروا بأنّ الزخم كان إيجابيّاً، بينما احتفظ عضو واحد بإمكانية رفع الأسعار إلى مستويات أعلى.[3]
مفاجأة التضخّم في مؤشر أسعار المستهلكين
أظهرت بيانات التضخم لمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في نهاية يونيو أنّ الأرقام الأساسيّة والكلّية تتّجه نحو الانخفاض، وهو ما كان خبراً مرحباً به.[4]
مع ذلك، نتج الزخم الفعلي عن أحدث أرقام التضخّم في مؤشر أسعار المستهلكين التي صدرت في 11 يوليو. لم تأتِ هذه الأرقام أقلّ من المتوقع فحسب بتراجع للشهر الثالث على التوالي، بل شهدت الأسعار أيضاً انخفاضاً فعليّاً على أساس شهري بأعلى نسبة منذ 2020.
هذا يعني أنّ التضخّم استُبدل في الوقت الحالي بالانكماش، ولذلك أهميّة نفسيّة كبيرة.
المصدر: الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس
تُظهر التفاصيل وراء الأرقام الكليّة أنّه في حين استمرّ تسجيل الكثير من الأسعار كالغذاء والإيجارات والرعاية الصحيّة مستويات مرتفعة مقارنةً بما قبل جائحة كورونا، ترتفع التكاليف المُرتبطة بالإيجارات والمنازل بأدنى نسبة منذ ثلاث سنوات. وبما أنّ الإيجارات هي عادةً آخر فئة تشهد التباطؤ، رأى البعض أن ذلك إشارة على أنّ المسار يتغيّر أخيراً.[5]
كلمة الفدرالي
في 10 يوليو، أدلى رئيس الفدرالي جيروم باول بشهادته نصف السنويّة أمام الكونغرس الأمريكي، حيث قدّم ملاحظات كثيرة في بيانه الرسمي وفي جلسة الأسئلة والأجوبة التي تلت ذلك والتي بدت أنّها تؤكّد على تغيّر مشاعر الفدرالي وتغيّر تركيزه أيضاً.
في تأكيده على أنّ الاقتصاد "عاد نوعاً ما" إلى مستوياته ما قبل الجائحة، كان رئيس الفدرالي جيروم باول أقرب من أي وقت مضى من إعلان الانتصار في المعركة ضدّ التضخّم. مع ذلك، قال إنّه يجب على البنك المركزي مراقبة مهمّته الأخرى وهي الحفاظ على مستويات التوظيف. بعبارة أخرى، قد يضرّ استمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة بالاقتصاد من دون سبب وجيه.[6]
كما شدّدت تعليقات الأعضاء الآخرين على تغيّر المزاج بناءً على سرعة خفض أسعار الفائدة بدلاً ممّا إذا كانت ستنخفض.[7] في الوقت نفسه، تبدو الأسواق واثقة من أنّ اجتماع سبتمبر سيشهد أوّل سلسلة من التخفيضات التي يبدو أنّ الكثيرين يعتقدون أنّها ستستمرّ حتى العام المقبل.[8]
الخلاصة
بالنظر إلى الصورة الأكبر، يمكننا أن نرى أنّه حتّى قبل أن تثير الأرقام الإيجابية لمؤشر أسعار المستهلكين موجة جديدة من التفاؤل، كانت المخاوف الأوسع نطاقاً تشير بالفعل إلى خفض أسعار الفائدة.
تعليقات جيروم باول في مقابلته مع 60 Minutes في وقت سابق من يوليو سلّطت الضوء على التحديات الناجمة عن الدين الوطني الأمريكي الذي ينمو أسرع من الاقتصاد الأمريكي. ويساهم ارتفاع أسعار الفائدة بشكلٍ كبير في تفاقم هذه المشكلة.[9]
بصفتنا مستثمرين، يجب أن تكون هذه القضايا الأوسع نطاقاً موضع اهتمامنا، فمن المغري أن ننشغل في التقلّبات الغزيرة لسوق قد يعتقد أنّ "الأيّام الخوالي" التي اتّسمت بأسعار فائدة منخفضة للغاية ستعود.
بدلاً من ذلك، قد يكون من الحكمة إلقاء نظرة أكثر توازناً تقيّم التحديات الجديدة التي قد تنشأ نتيجة انخفاض أسعار الفائدة في عالم تغيّر بشكل جذريّ منذ حقبة ما قبل الجائحة (اقرأوا دراستنا التقنية حول تغيّر التوازن للحصول على مثال لهذا التفكير).
في سوق مترابط كعالم اليوم، لا توجد أخبار "جيّدة" تماماً، ولكن يوجد بالفعل التحليل الجيّد.