لماذا أصبح التنويع أكثر أهمية من أي وقت مضى؟
هاري ماركويتز، مبتكر نظرية المحفظة الاستثماريّة الحديثة، اشتهر وصفه التنويع بأنه "الوجبة المجانية الوحيدة في الاستثمار". وحتى الآن، سعى الكثير من المستثمرين إلى التنويع من خلال الاستثمار في مؤشر مثل S&P 500، مع تخصيص جزء كبير من محافظهم الاستثماريّة للسندات كوسيلة للتحوّط ضدّ تقلّبات السوق.
أصبح مؤشر S&P 500 أكثر تركيزاً في الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة، حيث تشير بعض التقديرات إلى أنه لم يكن يوماً أكثر تركيزاً ممّا هو عليه الآن.[2]
تُمثّل الشركات العشر الكبرى في مؤشر S&P 500 الآن حوالي 37% منه، مما يجعل عوائده عرضة للتقلبات، فإذا انخفض أداء سبع شركات فقط من هذه الشركات الكبرى (على سبيل المثال، نتيجة لتشديد التدقيق التنظيمي)، فسيكون لذلك تأثير غير متناسب على عوائد المؤشر.
مع دخولنا عام 2025، تزداد حالة عدم اليقين بشأن السياسات الأمريكيّة المتعلّقة بالهجرة والتعرِفات الجمركيّة، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسيّة وتجزئة التجارة.[3]
يعني هذا، بالإضافة إلى المخاوف بشأن الديون الحكومية واحتماليّة استمرار التضخم أو عودته من جديد، أنّه رغم بقاء الأصول التقليديّة كالأسهم العامّة والسندات مكوّنات أساسيّة للكثير من المحافظ الاستثماريّة، إلّا أنّ محدوديّتها في البيئة الحاليّة تؤكّد على ضرورة إدراج الأصول البديلة لتعزيز التنويع والمرونة.
دور الأصول البديلة
تتيح الأصول البديلة فرصاً مُحتملةً لتحقيق عوائد مُحسّنة تفوق عوائد الاستثمارات التقليدية، كما أنها تضيف طبقة من التنويع، خاصةً في مثل هذه الأوقات.
الترابط المنخفض
تُعرّف كلية هارفارد للأعمال الأصول البديلة على أنّها استثمارات لا يمكن بيعها بسهولة أو تحويلها إلى نقد بسرعة، على عكس الاستثمارات التقليدية. وبينما تُعدّ الأصول البديلة غير سائلة نسبيّاً، فإن فترات الاحتفاظ الأطول تحميها من التقلبات قصيرة الأجل للأسواق، ممّا يسمح للمستثمرين باتّباع نهج إستراتيجي وطويل الأجل في إدارة محافظهم الاستثماريّة.
نتيجة لذلك، إنّ أسعار الأصول البديلة محميّة من التغييرات الجذريّة في مزاج السوق، ما قد يُشكّل ضغطاً هبوطيّاً على جميع الأسهم في المؤشرات بغضّ النظر عن أساسيّاتها الرئيسيّة.
المرونة العالية
بينما يحقّق الاستثمار في المؤشرات أداءً جيّداً في فترات النموّ المستقرّ، تتطلّب التقلّبات نهجاً أكثر دقة ومرونة، يركّز على المجالات التي تتيح النموّ والاستقرار. ومن خلال التركيز على قطاعات فرعية وشركات مُحدّدة، سواء عبر الاستثمار في الديون أو الأسهم، تتيح الأصول البديلة وسيلة لتجنّب التراجع العام في الأسواق.
فعلى سبيل المثال، في حين أنّه قد يكون لتعطيل التجارة أثر سلبي على الاقتصاد العالمي والأسواق العامة على المدى القصير، إلّا أن إعادة تشكيل سلاسل الإمداد تخلق فرصاً استثماريةً كثيرةً خارج نطاق سوق الأسهم (مثل الاستثمار في مرافق التخزين والتصنيع الجديدة).[4]
التحوّط من التضخم
في حين أنّ التضخم قد يؤثر سلباً على كلّ من الأسهم والسندات، يمكن للكثير من الأصول البديلة التصدّي لآثار ارتفاع الأسعار. فعلى سبيل المثال، تتيح الأصول الحقيقية، خاصة تلك التي تنتمي إلى المجالات التي تشهد طلباً غير مرن مثل الرعاية الصحية أو مراكز البيانات أو البنية التحتية الحيويّة، دخلاً ثابتاً عبر الإيرادات المُتعاقد عليها التي غالباً ما تكون محميّة من التضخم.
إنّ الاتّجاهات طويلة الأمد مثل تبنّي الذكاء الاصطناعي ونموّ الطاقة المّتجدّدة والمواصلات الكهربائيّة والاحتياجات المدفوعة بالعوامل الديموغرافيّة مثل الإسكان مُتعدّد الأسر والرعاية الصحيّة، تحظى غالباً بدعم الحكومات في البلدان التي تُبنى فيها.
الخلاصة
تُعدّ الأصول البديلة وسيلةً للتكيّف مع حقبة جديدة من التقلّبات المرتفعة، فعدم سيولتها النسبية وصعوبة إيجادها وتقييمها هو السبب الرئيسي الذي جعل الكثير من المستثمرين غير مستعدّين أو غير قادرين على الاستفادة منها بشكل كامل في الماضي.
في The Family Office، نهدف إلى جعل قوّة الأصول البديلة في متناول شريحة أوسع من المستثمرين. ومن خلال اعتمادنا على قدرة فريقنا لتحديد الصفقات المناسبة وتقييمها، يمكن لعملائنا دخول العام الجديد بثقة أكبر. فبغضّ النظر عن المستجدات، هناك دائماً مسار لتحقيق النموّ.